و مازلنا في السلسة والأن مع الجزء الخامس و الأخير :
قراء القرآن بين الاذان والاقامه بصوت مرتفع:
ومن الاخطاء التي تفعل في المساجد خاصه بين الاذان والاقامه , تجد رجلا يقرأ القرآن في المسجد بصوت مرتفع فيفسد بذلك على المسلمين عبادتهم خاصه الرواتب , فلا يستطيعون اداءها مع هذا الصوت المرتفع , فهذا فعل ليس له اصل عن النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يثبت عنه فيما اعلم انه امر احدا من الصحابه ان يقرأ القرآن بين الاذان والاقامه وكان من بين الصحابه من هم احسن الناس اصواتا , لكن لم يأمر , ولو امر لنقل الينا مع الذي نقل , فلما لم ينقل دل ذلك على انه لم يأمر به , والسنه بين الاذان والاقامه اداء الرواتب , وذكر الله من قراءه قرآن ونحوه , ولكن كل في سره , فالكل يناجي ربه , ومن الخير الذي يجدر التنبيه عليه هو الدعاء بين الاذان والاقامه.
ففي "الصحيح" ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء لا يرد بين الاذان والاقامه " [الامام احمد , ابو داوود والترمذي] , فهذا حديث عظيم في بابه , فالدعاء بين ااذان والاقامه مستجاب , لكن من حيل الشيطان ان يصرف المسلم عن المشروعه الى غير المشروعه.
قال القاسمي رحمه الله : " رأيت في مصر والاسكندريه ايام رحلتي اليها (عام 1321) هذه البدعه المنكره , وهي صعود حافظ على كرسي عريض مرتفع ذراعا فأكثر , وتلاوته عشرا من القرآن بصوت مرتفع بعد الاذان وقبل اقامه الصلاه , فترى من التشويش على المتنفلين بالرواتب ما لا يمكن معه اداء الصلاه ".
قلت: فليتق الله اقوام افسدوا على المسلمين عبادتهم بسبب نقل القرىن بين الاذان والاقامه عبر مكبرات الصوت , ففعلهم هذا غير محمود لهم.
اعتقاد العامه ان من اذن هو الذي يقيم:
ومن اخطاء المصلين عند اقامه الصلاه اعتقادهم ان الذي اذّن هو الذي يقيم , ومستندهم في ذلك الحديث : " من اذّن فهو يقيم" [ضعيف] لكنه ضعيف لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فليس في الباب شيئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتج به , وعلى ذلك يجوز لشخص واحد ان يؤذن ويقيم ويؤم الناس , ويجوز لشخص ان يؤذن واخر يقيم ولا شيئ في ذلك كله , فالامر واسع ولا نحجر واسعا.
قال النووي رحمه الله: " المؤذن هو الذي يقيم , فهذا هو السنه , ولو اقام غيره كان خلاف السنه , ولكن يعتد باقامته عندنا وعند الجمهور " .
قال الشيخ ناصر الدين الالباني بعد ان اخرج حديث " من اذن فهو يقيم " قال: " ومن اثار هذا الحديث السيئه انه سبب لاثاره النزاع بين المصلين , كما وقع ذلك غير ما مره , وذلك حين يتأخر المؤذن عن دخول المسجد لعذر , ويريد بعض الحاضرين ان يقيم الصلاه , فما يكون من احدهم ا ان يعترض عليه محتجا بهذا الحديث , ولم يدر المسكين انه حديث ضعيف لا يجوز نسبته اليه صلى الله عليه وسلم , فضلا عن ان يمنع به الناس من المبادره الى طاعه الله تعالى ألا وهي اقامه الصلاه " .
__________________
تقديم الصلاه والسلام على رسول الله جهرا قبل اقامه الصلاه:
ومن اخطاء المؤذنين عند اقامه الصلاه ان يقدّم الصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل اقامه الصلاه جهرا وعبر مكبرات الصوت , وكما تقدم ان الفاظ الاذان والاقامه الفاظ مأثوره رويت في كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم , ويكون الاذان والاقامه مبدوءان بلفظ " الله اكبر الله اكبر" وينتهيان ب " لا اله الا الله" .
وفي " الصحيحين" عن انس قال: "امر بلال ان يشفع الاذان ويوتر الاقامه " [البخاري ومسلم] وليس في الحديث امر ان يصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الاقامه , فهذا شيئ لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم , ولا فعله احد من اصحابه , ولو كان خيرا لسبقونا اليه ولدلونا عليه , وهذا هديهم وسيرتهم , فمن اوجدنا احد حرفا في ذلك قبلناه وقابلناه بالقبول والتسليم , ولا هدي اكمل من هديهم , ولا سنه الا ما تلقوه عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم , وعلى ذلك فلا يشرع تقديم الصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الاقامه , ومن فعل ذلك فقد احدث في دين الله . وفي " الصحيحين" من حديث عائشه رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .
قول الرجل عند قول المؤذن (قد قامت الصلاه) : ( اقامها الله وادامها ) :
ومن اخطاء المصلين عند سماع المقيم وهو يقول " قد قامت الصلاه" قولهم : " اقامها الله وادامها" , لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , لكن الاليق ان يستدل بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ..." [مسلم] .
فلظاهر الحديث يقول: " قد قامت الصلاه " .
قال الشيخ ابن باز: " ويستحب ان يجاب المقيم , كما يجاب المؤذن , ويقول عند قول المقيم " قد قامت الصلاه " مثله: " قد قامت الصلاه , قد قامت الصلاه " لعموم الاحاديث المذكوره وغيرها . اما ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم انه قال عند الاقامه : " اقامها الله وادامها" فهو حديث ضعيف لا يعتمد عليه , وبالله التوفيق".
اقامه الصلاه مره ثانيه اذا حدث فاصل بين الاقامه وتكبيره الاحرام:
قول بعض الناس ان الكلام او الفصل بين الاقامه وتكبيره الاحرام مبطل للاقامه او موجب لاعادتها , او اذا قال المقيم : قد قامت الصلاه , وجب على الامام التكبير , انما هو قول بغير دليل, بل الدليل على خلافه , والسنه تنقضه نقضا . قد بوّب البخاري في "صحيحه" باب الامام تعرض له حاجه بعد الاقامه ,ثم ساق حديث انس قال: " اقيمت الصلاه والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد , فما قام الى الصلاه حتى نام القوم" [ البخاري ومسلم].
قلت: في الباب ايضا ما اخرجه البخاري من حديث ابي هريره رضي الله عنه : " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد اقيمت الصلاه وعدلت الصفوف حتى اذا قام في مصلاه انتظرنا ان يكبر , انصرف قال: على مكانكم , فمكثنا على هيئتنا حتى خرج الينا ينطف رأسه ماء وقد اغتسل " [البخاري].
قال الحافظ ابن حجر " الفتح" معلقا على حديث ابي هريره: " في الحديث جواز الفصل بين الاقامه وتكبيره الاحرام اذا كان لحاجه , اما اذا كان لغير حاجه فهو مكروه " .
__________________
قول الرجل (صدقت وبررت) اذا قال المؤذن (الصلاه خير من النوم ) :
من الاخطاء عند قول المؤذن في اذان الفجر "الصلاه خير من النوم"ان يقول بعض الناس : " صدق رسول الله صلى الله عليهوسلم " او " صدقت وبررت" "ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم " .
اخرج مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص , انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول...". الحديث. [مسلم].
هذا هو خير الهدي واكمل الهدى , اما من قال شيئا غير الثابت الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيكون قد وقع تحت طائله حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد " [مسلم] .
وفي روايه: " من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " [البخاري ومسلم] هذا الحديث مفاده ان عمله مردود غير مقبول , وهو مأزور غير مأجور , وذلك لانه سلك مسلكا ليس على هدى النبي ولا على طريقته , ولم يتبع سبيل المؤمنين.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " يستحب ان يقول عند قول المؤذن في اذان الفجر: " الصلاه خير من النوم , مثله : " الصلاه خير من النوم" , لعموم الاحاديث المذكوره وغيرها" مختصرا.
عدم صحه اذان غير المتوضئ:
من الناس من يظن انه لا يجوز للمؤذن ان يؤذن الا اذا كان على وضوء , فنقول الاول ان يكون المؤذن على وضوء , لكن اذا كان على غير وضوء , فالاذان صحيح اذ لا دليل يلزم ان يكون المؤذن على وضوء , غير ان الاذان والاقامه مستقلان مستقلان والصلاه صحيحه بدونهما اصلا لقول النبي صلى الله عليه وسلم تحرمها التكبير وتحليلها التسليم , فمان كان قبل التكبي ليس بصلاه .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيئ صلاته : " اذا قمت الى الصلاه فكبر" الحديث.
وقد ذكر البخاري رحمه الله في "صحيحه" اثرا معلقا بصيغه الجزم عن ابراهيم النخمي قال : قال ابراهيم لا بأس ان يؤذن علىغير وضوء.
وقال عطاء: " الوضوء حق وسنه".
قال الحافظ في "الفتح" : معلقا على اثر ابراهيم التخعي : قال وصله سعيد بن منصور , وابن ابي شيبه عن جرير بن منصور عنه بذلك , وزاد : " ثم يخرج فيتوضأ , ثم يرجع فيقيم".
قلت: وقد ترجم ابن ابي شيبه في " صحيحه" , باب: قال في المؤذن يؤذن وهو على غير وضوء , ثم ذكر جمله اثار عن السلف بجواز ذلك نذكر منها:
عن قتاده انه كان لا يرى بأسا ان يؤذن الرجل وهو على غير وضوء , فاذا اراد ان يقيم توضأ". ثم اثار اخر.
الخلاصه: ان المؤذن اذا اذن الاولى ان يكون على وضوء عند التأذين , لكن اذا كان على غير وضوء , فالاذان صحيح لان الاذان مستقل عن الصلاه .
وقد اجاز عدد من السلف ذلك , وعدم ورود المانع , والله اعلم.
اعتقاد بعض الناس ان الصبي لا يجوز له ان يؤدي الاذان:
ومن الناس من يظن ان الصبي الذي عمره عشر سنوات لا يجوز ان يؤدي الاذان. والصواب: انه يجوز لمن بلغ العاشره من عمره ان يؤذن , فالامامه اعظم من الاذان , ومع ذلك كان عمرو بن سلمه يصلي بالناس وعمره ست سنوات او سبع سنوات , لانه كان اقرأ القوم آنذاك , والى جواز امامه الصبي ذهب جمهور اهل العلم , فاذا كانت امامه الصبي جائزه والامامه اعظم كما هو معلوم فاذان الصبي اولى بالجواز , لان الامامه اعظم والاذان اخف , والله اعلم.
.__________________
عدم صحه الصلاه اذا اخطا المؤذن في اقامه الصلاه:
سؤال: اذا اخطأ المؤذن في اقامه الصلاه , هل تكون الصلاه صحيحه؟
الجواب: الاذان والاقامه مستقلان , والصلاه صحيحه بدونهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " تحريمها التكبير" [مسلم] فما قبل التكبير ليس من الصلاه.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيئ صلاته: " واذا قمت الى الصلاه فكبر" .
وضع المصحف على الارض عند اقامه الصلاه:
بين الاذان والاقامه الناس ما بين قارئ للقرآن , ومتنفل , وذاكر لله , فتجد كثيرا من الناس اذا اقيمت الصلاه سيما الذين يقرأون القرآن يضعون المصاحف على الارض , ويقف في الصف لاداء الصلاه , وهذا في الحقيقه ليس من التأدب مع كتاب الله في شيئ , فاٍن النبي صلى الله عليه وسلم كما صحّ عنه في " سنن ابي داوود" من حديث ابن عمر قال: اتى نفر من يهود فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى القف , فأتاهم في بيت المدارس فقالوا: يا ابا القاسم ان رجلا منا زنى بامرأه فاحكم [بينهم] فوضعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وساده, فجلس عليها ثم قال: " ائتوني بالتوراه " فاتي بها , فنزع الوساده من تحته , فوضع التوراه عليها.." [ابو داوود].
فدل ذلك علىتكريم النبي صلى الله عليه وسلم للتوراه , فمن باب اولى المصحف " القرآن المجيد" , لان التوراه اعتراها بعض التحريف , وعلى ذلك فبالنسبه لوضع المصحف على الارض , فالاكمل , والاليق , والانفع , والاكثر تأدبا مع كتاب الله ان يوضع كتاب الله على شيئ".
قراءه سوره الاخلاص قبل الاقامه:
قال القاسمي رحمه الله: " وقراءه سوره الاخلاص ثلاثا قبل اقامه الصلاه اعلانا بانه ستقام الصلاه بدعه لا اصل لها ولا حاجه لها " .
ويلحق بهذه البدعه: قولهم بعدها : " الى اشرف المرسلين الفاتحه" او " الى ارواح المسلمين " او " الى من بحضرته" اذا كان في المسجد قبر ومزار , والعياذ بالله تعالى.