التقرير اللجنة الفنية للإتحاد الإفريقي عن بطولة غانا، ينصف ويؤيد كل كلمة كتبتها هنا منذ أيام.
ليس من العيب أن نخطئ.. فابن آدم بطبيعته ضعيفا وخطاء.. ولكن العيب كل العيب هو الجدال بهدف الدفاع عن الخطأ.. والعيب أيضاً أن تأخذنا العزة.. لننتصر للخطأ على الحقيقة.. أو نعلى الباطل على الحق.
في نفس هذا المكان، وتحت عنوان "جلا جلا، قرب قرب، المزاد المزاد.! " وبتاريخ 14/2/2008، تم تحليل أداء المنتخبات الإفريقية ومدى تأثير وجود المحترفين، وتقديرنا لحجم البطولة، وكان لنا رأى لم يعجب عددا غير قليل في كل النقاط السابقة، فماذا حدث بعد ذلك ؟ وهل صدق تحليلنا بالنسبة للتحليلات الفنية للجهات الرسمية؟.
طالعنا الأهرام في عدده الصادر اليوم (الثلاثاء 18/2/2008) نشرت الجريدة تقرير اللجنة الفنية النهائي عن البطولة الإفريقية بغانا، وجاء التحليل مطابقا تماما لتحليلنا الذي نشرناه هنا ومازال موجودا لمقارنة التحليلين.
http://www.ahlynews.com/ar/content/view/2434/28/ وبالطبع ليس الهدف من هذا المقال هو التهليل والتطبيل لذلك، فكثير من المواقف القادمة، سيتم فيها تحليل مباريات وأحداث كثيرة، ولكن الغرض فقط لفت نظر البعض، الذين كانت لهم ردود أفعال وليست مجرد عرض آراء مخالفة بالرغم من أننا لا نستطيع وصفها بالرأي المخالف، ولكننا نحترمها بالرغم من عدم منطقية التحليل او مطابقته للواقع، لذا ولإعطاء التحليل حقه فقط، قمنا بعرض ما جاء بالتقرير مع التعقيب اللازم كما يلى:
جاء في التحليل أربعة نقاط رئيسية، سنوردها مع التعقيب:
1- جاء في التقرير : أن الفرق المشاركة الـ16 كان من بينها فريق واحد فقط يمثل منطقة وسط إفريقيا هو السودان, بينما كانت هناك3 فرق من شمال إفريقيا هي: مصر وتونس والمغرب, ومثلها من منطقة الجنوب هي: جنوب إفريقيا وزامبيا وأنجولا, بينما كان التفوق لمنطقة الغرب الإفريقي, وهذا قد يعد مؤشرا علي أن كرة القدم في غرب إفريقيا أصبحت هي القوة المسيطرة حاليا من خلال وجودها في بطولات إفريقيا ونتائجها خلال المشاركة مثل غانا وكوت ديفوار ومالي وغينيا.. وأن منطقة الوسط الإفريقي هي الأقل أو ذات المستوي المتراجع حاليا, فمثلا12 دولة تمثل هذه المنطقة لم يوجد منها سوي السودان فقط والمنافسة الآن أصبحت بين الشمال والغرب واختفت مناطق أخري.
ملاحظات:
أ- تغاضى التقرير عن ذكر أثر الوضع الاقتصادي والاستقرار السياسي لدول الوسط الإفريقي على كثير من المجالات ومنها كرة القدم والتي تعانى من قلة التمويل وأيضا النقص في عدد المحترفين، وكمثال لهذه الدول : الصومال، كينيا، أثيوبيا، اريتريا، تشاد.. وباقي الدول، وتعتبر دول هذه المنطقة هي أكثر دول العالم فقرا وقلة للموارد الطبيعية وبالتالي فإن اهتمامها بالرياضة ليس في حسبان مسئوليها بالمقارنة بالمطالب الحيوية لهذه الشعوب كتوفير الطعام والاحتياجات الأساسية، وأكبر دليل هو أن فقر هذه الدول قد أدى لتأخرها أو عدم قدرتها على سداد الرسوم الإتحاد الإفريقي سواء رسوم مشاركة المنتخبات أو الفرق.
ب- أشار التقرير إلى الاهتمام الكبير للغرب الإفريقي بكرة القدم ومشاركة أكبر عدد من الدول بالبطولة من منطقة الغرب الإفريقي ووجود أكبر عدد من المحترفين بدولها، وبالفعل صدق التقرير بالنسبة للأعداد، ولكن أيضا فإن هذه الملاحظة لا تميز بطولة 2008، بل إن هذه المنطقة هي الأكثر تمثيلاً دوما سواء في تصفيات ونهائيات أمم إفريقيا أو تصفيات ونهائيات كأس العالم، ويرجع ذلك للاستقرار السياسي لمعظم دول الغرب، وكذا الارتفاع النسبي للمستوى الاقتصادي وكثرة عدد المحترفين بها، فضلا عن أن هذه الدول تتمتع بارتفاع عدد السكان لكل منها بالقياس بدول الوسط.
2- جاء بالتقرير : تعد بطولة غانا هي الأقوى من حيث مشاركة عدد المحترفين , وحرص الجميع علي الوجود , ولكن المحترفين في الوقت نفسه أصابوا بعض الفرق بالعطب مثل نيجيريا ومالي, وحتى إيتو في الكاميرون ودروجبا في كوت ديفوار لم يثبتا وجودهما بالشكل المتوقع وكان أداؤهما أقل من المتوسط والأسباب التي خرجت بها اللجنة الفنية بأنهم كانوا يخشون الإصابة, وإن كانت قد لحقت بالبعض من كثرة المباريات مثل إيتو, كما أن دوافع المحترفين لم تعد موجودة, وأصبحت طموحاته أقل, خلال تمثيل بلادهم مثلما حدث لأسامواه لاعب غانا الذي تعرض لهجوم كبير لعدم جديته, بينما ارتفعت أسهم اللاعب المحلي بعد فوز مصر باللقب.
ملاحظات:
أ- جاء التقرير وكأنه صورة طبق الأصل ما ذكرناه كتحليل لأداء المحترفين الذين واجهوا منتخب مصر في البطولة، ولا تعليق لأن حتى الأسباب التي ذكرها هي المذكورة في تحليلنا والذي تعد هذه النقطة بالتحديد هي الأساس الذي يجب أن نبنى عليه تحليل الأداء سابقا وتحديد المطلوب مستقبلا، وجاء تحليلي لهذه النقطة بالتحديد في المقال السابق كالتالي:
أمر آخر يصب في ذات النقطة، أننا لا نتعامل مع الحقائق بقدر تعاملنا مع العواطف، فكثير من المحللين الأجانب وأيضا المحليين، اتفقوا على أن مستوى المحترفين الأفارقة وعدم جدية أداءهم بالبطولة، أدى لانخفاض مستوى أداء الكثير من المنتخبات الإفريقية الثقيلة كنيجيريا وساحل العاج والسنغال وباقي المنتخبات أيضا، بما يعنى أننا لم نرى القوة الحقيقة لهذه المنتخبات بالقياس بحجم المهارات والخبرات لمحترفيها، وهذا للعديد من الأسباب، ويعتبر احترافهم نفسه هو أحد أهم تلك الأسباب، حيث قاومت أنديتهم الأوروبية انضمامهم لمنتخبات بلادهم لأداء مباريات البطولة مدعين أنها بطولة إقليمية ليست كبطولة كأس العالم، وأنهم ينفقون الكثير على لاعبيهم ليس لتذهب النفقات هباءا أمام إصابة للاعب، لذا كانت تعليماتهم المشددة للاعبيهم بعدم التعرض للإصابة وبالتالي خفض جهدهم لأدنى حد... ولا تعليق!
ب- إن تعبير "أقوى بطولة" تعبيرا لم يخدم التبرير الذي ذكره التقرير أو ساعد على إثباته، فإذا كان التقرير قد قصد قوة البطولة بسبب وجود أكبر عدد من المحترفين، فإن التقرير نفسه أدان أداء المحترفين بما يعنى أن صفة "أقوى" اعتمدت على مبرر ثبت فساده، مما يؤيد تحليلنا بأن لاعبى المنتخبات المحليين – كلاعبي منتخب مصر- كانوا أكثر إفادة للبطولة، ولو اعتدت المنتخبات الإفريقية الأخرى عليهم أو حتى بخليط منهم مع المحترفين، لكنا شاهدنا على الأقل حماس المحليين لسعيهم لإثبات ذاتهم مما كان سيرفع من المستوى الفني للبطولة، ولكن لنفس السبب – الاعتماد على عدد كبير من المحترفين – استبعد المدربون اللاعبين المحليين، لقلة الوقت اللازم لانسجامهم مع المحترفين، ففضل المدربين اللعب بالمحترفين فقط لخبرتهم المرتفعة ووعيهم التكتيكي العالي والأكثر ضمانا، ولكن بكل أسف، خدعهم وخدعنا المحترفين في النهاية، ولم يبذلوا المطلوب من الجهد لتقديم الأداء المشرف لتمثيل دولهم.
3- جاء في التقرير : أغلب المدربين الأجانب كانوا أقل من المتوسط في إدارة المباريات ولم يقدم هؤلاء الخبراء ما يؤكد أو يعبر عن قراءة جيدة للمباريات, وكم انتقد الفرنسي كلود لوروا مدرب غانا في تغييراته التي كانت تأتي بنتائج عكسية علي أداء فريقه, وكذلك الألماني بيرتي فوجتس مدرب نيجيريا الذي فشل حتى في فرصة أن يكون جريئا حين واجه فريقا ينقصه لاعب تم طرده وتأخر كثيرا في اللعب مهاجما حتى خرجت نيجيريا بالخسارة بعد أن كانت متقدمة بهدف, في حين كان مواطنه أوتوفيستر مدرب الكاميرون لا ينظر إلي المباراة ولا يديرها, بل كان ينظر للأرض كثيرا طوال مباريات الكاميرون في البطولة, وهذه أمثله علي إخفاق نخبة المدربين الأجانب الذين شاركوا في البطولة, بينما كانت الإشادة بالمدربين الوطنيين لأنجولا ومصر التي فازت باللقب.
ملاحظات:
إن تحليل الكاف لهذه النقطة قد جاء متوافقا تماما مع رأينا في هؤلاء المدربين، بل إننا تجاوزنا هذه النقطة بأن قلنا : أن أي إنجاز لهذه الفرق يعود إلى خبرة محترفيها، بل إن هذه المنتخبات هي التي ستصنع لهؤلاء المدربين اسما وليس العكس، وذلك لأنهم مجموعة من المدربين المنتهين فنيا، وليس لزيادة تقدير حجم إنجازنا الذي لم يكن في حاجة لتزييف الحقائق، أن نضيف قدرات وإمكانيات للمدربين الذي واجهونا فقط لنقول أننا فزنا على المنتخب (س) بالمدرب القدير (ص) ففي الحقيقة نحن لم نكن في حاجة لذلك، حيث لو قدر لهذه الفرق ان يتولاها من هم أكثر خبرة ومهارة، لم يكن ليتغير إنجازنا أمامهم، بسبب العوامل الموجودة في البند أعلاه، ولأن كل عوامل النجاح كانت قد تجمعت في عناصر منتخبنا القومي من لاعبين وجهاز فني.
4- جاء في التقرير : طرق اللعب كانت تعتمد علي طريقة2/4/4 فيما عدا مصر هي الوحيدة التي لعبت بليبرو صريح, لأنها من حيث الناحية العلمية والتكتيكية هي أفضل طريقة للعب كرة شاملة دفاعية وهجومية, ولكن طريقة تنفيذها هي التي شهدت نواحي جديدة خلال البطولة, حيث اكتشفت اللجنة الفنية أن البعض يلعب2/4/4 علي الورق ولكن يتم تنفيذها بأكثر من شكل داخل الملعب, فلم تكن الطريقة وحدها هي مفتاح الفوز, ولكن نجاح تنفيذ اللاعبين لها كان الأهم, فمثلا اللاعب الغاني جون منساه كان الوحيد الذي يلعب وحيدا خلف الجميع في بعض الأوقات إلي جانب ذلك كانت هناك أهمية كبيرة للاعبي الوسط, فهم كانوا نجوم هذه البطولة لأن أداءهم هو الذي يقوي الدفاع والهجوم وتشكيلاتهم مع المهاجمين بالمثلثات التي تم تنفيذها كانت وراء النجاح والأهداف الكثيرة التي سجلها لاعبو الوسط خير دليل علي ذلك, وخلاصة القول أن كل الفرق كانت تلعب بطريقة هجومية ولذلك تم تسجيل99 هدفا وهي أعلي نسبة في البطولات الإفريقية, وأصبحت بطولة بوركينا فاسو عام98 الثانية في عدد الأهداف التي سجل فيها93 هدفا.
ملاحظات:
أ- أنصف التقرير الجهاز الفني لمنتخبنا القومي حسن شحاتة ورفاقه، وفي نفس الوقت، أيد التقرير تحليلنا السابق في أكثر من مكان، بأن التزام لاعبينا بتنفيذ المطلوب منهم أيا كانت الخطة، كان هو أحد أهم أسباب التفوق المصري، فلم تلعب مصر بخطة هجومية صريحة، ولكنها تتحول إلى مارد كبير عندما تقطع الكرة، وعند تنفيذها للهجمة المرتدة، والأهم في كرة مصر، إنها التزمت بدقة التسليم والتسلم، الذي أراح منتخبات كان لاعبوها على استعداد للوقوف والفرجة على براعة لاعبينا في تناقل الكرة والمراكز.
ب- وبالرغم أن فريق مصر لعب البطولة بليبرو صريح – سواء متأخر أو متقدم عن خط الظهر – فإن تنفيذ فريق مصر لطريقة اللعب على الأرض لم تكن 3/5/2، ولا كانت 5/3/2، ولا كانت 3/4/3 ولا كانت 3/3/1/2، ولا كانت 3/3/2/1، بل كانت خليط من كل ما سبق خلال مباريات البطولة، بل أن الفريق قد أدى بأكثر من طريقة مما سبق خلال المباراة الواحدة، سواء لظروف المنافس والنتيجة التي تم تحقيقها، أو لتوظيف اللاعبين المتوفرين بالفريق.
يتضح مما سبق، أن بطولة غانا، قد أفرزت العديد من الدروس التي يجب أن نستفيد وتستفيد منها كل دول إفريقيا أهمها:
1- زيادة الاعتماد على اللاعبين المحليين بفرق الدول المشاركة، سواء منفردين أو إلى جانب المحترفين في تشكيل قوائم المنتخبات المشاركة في بطولات أمم إفريقيا، وذلك لتغير موقف الفيفا والأندية الأوروبية من الاعتراف بهذه البطولات، مما سيضع ضغوطا على اللاعبين الأفارقة المحترفين في تلك الأندية عند مشاركتهم مع منتخبات بلادهم.
2- عدم التعامل مع طرق اللعب الحديثة كأنها قوالب مقدسة ومفروضة، يخشى من لا يلتزم بها من اتهامه بالتخلف وعدم مسايرة تطور اللعبة، ومحاولة اختيار الطرق التي تلاءم ظروف ووعى اللاعب الإفريقي حتى لو أدى ذلك إلى ابتكار طرق لعب تناسبهم حتى وإن لم تكن مشهورة أو منتشرة عالمياً.
3- لم تعد الأرض أحد أسباب فوز الفرق والمنتخبات كما كان مفهوما من قبل عند ملاقاتها لفرق منافسة على أرضها، مما يخفف الضغوط والأعباء النفسية عن كاهل الفرق التي تلعب خارج أرضها، مع اعترافنا بالفرق بين مباراة وبطولة.
4- ضرورة تأمين الفرق والمنتخبات إداريا من ناحية الإقامة والتغذية خاصة في المناسبات الكبرى التي تجمع عدد كبير من الرياضيين بدولة إفريقية واحدة، أو على الأقل يجب على الفرق أن توفر لنفسها ذاتيا الكميات المطلوبة من المواد الغذائية لأفراد بعثتها من الدولة الأم قبل الوصول للدولة المضيفة.
5- ضرورة توفر معلومات كافية لدى سفارات جمهورية مصر العربية بكل دولة إفريقية عن عدد الرعايا المصريين بكل دولة والذين يمكن الاستفادة منهم كمشجعين للمنتخبات والفرق المصرية، ليمكن الاستفادة من هذه المعلومات لتوفير مشجعين لفرقنا من الدول المحيطة الدولة التي تتم فيها مباريات لهذه الفرق، بدلا من الاضطرار لاستقدام مشجعين من مصر إلى تلك البلاد مع أبعادها وتكلفتها العالية، وفي نفس الوقت الاستفادة من ذلك بتقوية الصلات بين رعايانا في الخارج مع فرقنا الرياضية لاستفادة لاعبينا من العامل المعنوي.
ما سبق بعض النقاط التي يمكن أن تفيد منتخبنا أو فرقنا الرياضية عند أداء مباريات على الأراضي الإفريقية، وبالطبع هناك الكثير والكثير مما يمكن الاستفادة منه، وإن كان المقال لم يكن معداً لهذا الهدف من البداية.
مع كل التوفيق لمصرنا العزيزة، ولفرقنا الرياضية.
</TD></TR></TABLE>