بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
إن مسألة الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكلم عليها علماء الأمة الإسلامية منذ القدم ، ونجدهم قد حرموا هذا القول ولم يقولوا بتكفير الحالف بل عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى تعد يمين منعقدة ، فكيف نكفر قائلها أو نقول عنه أنه مشرك ؟ وإليك أخي أقوال أهل العلم في ذلك :
قال في المبدع 8/8 ( أن الحلف بغير الله وصفته لغو )
9/262 (ويكره الحلف بغير الله تعالى وصفاته قدمه في الرعاية وجزم به في المستوعب قيل حصول يكره )
وقال في الفروع 6/303 (فصل ويحرم الحلف بغير الله وعن ابن مسعود وغيره لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلى من أن أحلف بغيره صادقا قال شيخنا لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك وقيل يكره ولا كفارة وقيل وخلق الله ورزقه يمين فنية مخلوقه ومرزوقه كمقدوره وعنه يجوز وتلزم حالفا بالنبي صلى الله عليه وسلم اختاره الأكثر).
وقال في المحرر 2/197 (والحلف بغير الله محرم وقيل يكره تنزيها ولا تجب به كفارة وسواء أضافه إلى الله تعالى كقوله وخلق الله ومقدوره ومعلومه وكعبته ورسوله أو لم يضفه مثل الكعبة والنبي وعنه الجواز ولزوم الكفارة في الحلف برسول الله خاصة) .
قال في الانصاف 11/12 (قوله ويكره الحلف بغير الله تعالى هذا أحد الوجهين قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به أبو علي وابن البنا وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وتذكرة وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاوى الصغير ويحتمل أن يكون محرما وهو المذهب )
وقال 11/14 ( وأما الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم المصنف هنا عدم وجوب الكفارة وهو اختياره واختارة أيضا الشارح وابن منجا في تقى الدين رحمه الله وجزم به في الوجيز وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في الفروع اختاره الأكثر وقدمه وروى عن الإمام أحمد رحمه الله مثله وهو من مفردات المذهب وحمل المصنف ما روى عن الإمام أحمد رحمه الله على الاستحباب تنبيه ظاهر قوله خاصة إن الحلف بغيره من الأنبياء لا تجب به الكفارة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب والتزم ابن عقيل وجوب الكفارة بكل نبى )
قال في الكافي 4/376 (فصل اليمين إلا باسم من اسماء الله تعالى أو صفة من صفاته لما روى عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت متفق عليه وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد أشرك قال الترمذي هذا حديث حسن فلو حلف بالكعبة أو بنبي أو عرش أو كرسي ذلك يمينه وعنه من حلف بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنث فعليه الكفارة لأنه أحد شرطي الشهادة فأشبه الحلف باسم الله والأول أولى لدخوله في عموم الأحاديث وشبهه كسائر الأنبياء عليهم السلام )
فتاوى ابن تيمة في الفقه 33/68 ( وقال شيخ الإسلام رحمه الله إذا حلف الرجل يمينا من الأيمان فالأيمان ثلاثة أقسام أحدها ما ليس من أيمان المسلمين وهو الحلف بامخلوقات كالكعبة والملائكة والمشايخ والملوك والآباء وتربتهم ونحو ذلك فهذه منعقدة ولا كفارة فيها بإتفاق العلماء بل هى منهى عنها بإتفاق أهل العلم والنهى نهى تحريم فى أصح قولهم ففى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم وفى السنن عنه أنه قال من حلف بغير الله فقد أشرك )
وقال 33/125 (وأما الحلف بالنبى فجمهور العلماء على أنه أيضا منهى عنه به اليمين ولا كفارة فيه هذا قول مالك وأبى حنيفة والشافعى وأحمد فى إحدى الروايتن عنه به اليمن )
وقال 35/243 (فأما الحلف بالمخلوقات كالحلف بالكعبة أو قبر الشيخ أو بنعمة السلطان أو بالسيف أو بجاه أحد من المخلوقين فما أعلم بين العلماء خلافا أن هذه اليمين مكروهة منهى عنها وأن الحلف بها لا يوجب حنثا ولا كفارة وهل الحلف بها محرم أو مكروه كراهة تنزيه فيه قولان فى مذهب أحمد وغيره أصحهما أنه محرم )
وقال في المغني 9/ 405 (فصل اليمين بالحلف بمخلوق كالكعبة والأنبياء وسائر المخلوقات ولا تجب الكفارة بالحنث فيها هذا ظاهر كلام الخرقي وهو قول أكثر الفقهاء وقال أصحابنا الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم يمين موجبة للكفارة وروي عن أحمد أنه قال إذا حلف بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنث فعليه الكفارة قال أصحابنا لأنه أحد شرطي الشهادة فالحلف به موجب للكفارة كالحلف باسم الله تعالى ووجه الأول قول النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ولأنه حلف بغير الله فلم يوجب الكفارة كسائر الأنبياء ولأنه مخلوق فلم تجب الكفارة بالحلف به كإبراهيم عليه السلام ولأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص ولا يصح قياس الله على اسمه لعدم الشبه وانتفاء المماثلة وكلامأحمد في هذا يحمل على الاستحباب دون الإيجاب
وقال في المغني 9/385 (فصل ولا يجوز الحلف بغير الله وصفاته نحو أن يحلف بأبيه أو الكعبة أو صحابي أو إمام قال الشافعي أخشى أن يكون معصية قال ابن عبد البر وهذا أصل مجمع عليه وقيل يجوز ذلك لأن الله تعالى أقسم بمخلوقاته فقال والصافات صفا الصافات والمرسلات عرفا المرسلات والنازعات غرقا النازعات وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي السائل عن الصلاة أفلح وأبيه إن صدق وقال في حديث أبي العشراء وأبيك لو طعنت في فخذها لأجزأك ولنا ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدركه وهو يحلف بأبيه فقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت قال عمر فما حلفت بها بعد ذلك ذاكرا ولا آثرا متفق عليه يعني ولا حاكيا لها عن غيري وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد أشرك قال الترمذي هذا حديث حسن وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من حلف الإسلام كاذبا فهو كما قال متفق عليه وفي لفظ من أنه بريء من الإسلام فإن كان قد كذب فهو كما قال وإن كان صادقا لم يرجع إلى الإسلام سالما رواه أبو داود فأما قسم الله بمصنوعاته فإنما أقسم به دلالة على قدرته وعظمته ولله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه ولا وجه للقياس على إقسامه وقد قيل إن في إقسامه إضمار القسم برب هذه المخلوقات فقوله والضحى الضحى أي ورب الضحى وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم أفلح وأبيه إن صدق فقال ابن عبد البر هذه محفوظة من وجه صحيح فقد رواه مالك وغيره من الحفاظ فلم يقولوها فيه وحديث أبي العشراء قد قال أحمد لو كان يثبت يعني أنه لم يثبت ولهذا لم يعمل به الفقهاء في إباحة الذبح في الفخذ ثم لو ثبت فالظاهر أن النهي بعده لأن عمر قد كان يحلف بها كما حلف بها النبي صلى الله عليه وسلم ثم نهى عن الحلف بها ولم يرد بعد لنهي إباحة ولذلك قال عمر وهو يروي الحديث بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا ثم إن لم يكن الحلف بغير الله محرما فهو مكروه فإن حلف فليستغفر الله تعالى أو ليذكر الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله لأن الحلف بغير الله سيئة والحسنة تمحو السيئة وقد قال تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات هود وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها )
منقول للأمانة