كل عام وأنتم بخير. نحن الآن في رمضان. الشهر الكريم. شهر التقوي والاحسان. شهر العبادة والصلوات والدعوات. ورغم ذلك أصر اتحاد الكرة علي تعكير صفو اللحظة الإيمانية لدي الأهلوية والزملكاوية. وشاء أن يقيم القمة رقم 9 في تاريخ الدوري خلال الشهر الكريم. هذه المباراة "المحسوبة" رقمياً. المنظورة جماهيرياً. تستحق كل ما يقال وما ينشر عنها. فلولاها ماذا تكتب الصحافة. أو يعلق النقاد؟! ولولاها ما استجدت عشرات برامج التحليل التي تطل علينا من كل "مكان فضائي" لتقوله حتي أننا "طفحنا" الدم من كثرة ما نسمع المعاد والمكرر!!
ويبدو أن اتحاد الكرة أراد أن يخطف الأضواء في رمضان من نجوم الشاشة الصغيرة الذين اصبحوا مفروضين علينا كل عام وظنوا انفسهم هم "اللعيبة" ومفيش غيرهم. أراد اتحاد الكرة أن يقدم مباراة جديدة تضم فرقة نجوم الشباك الكروي مثل الحضري وأبو تريكة ومتعب وجمال حمزة وعمرو زكي والساحر شيكابالا.. لتنزل إلي أرض الملعب الرمضاني وتدخل في مباراة فنية مهارية عالية المستوي ضد فرقة نور الشريف ويحيي الفخراني وحارس المرمي الست يسرا وقلب الدفاع نادية الجندي.. واللاعب الجديد الذي أصبح أساسياً مفروضا علي التشكيل الفني الرمضاني خالد صالح ومعهم الكوتش عمر الشريف.
والقياس مع الفارق لأن فرقة الفنانين تلهف الملايين في الشهر الكريم وتتراوح بدلالتهم الهايفة البسيطة ومكافآتهم خلال هذا الشهر ما بين أربعة وسبعة ملايين جنيه لكل لاعب منهم لتقديم فاصل الضحك علينا ولهدف فلوسنا وشدنا من القيام في المساجد إلي القيام في المنازل لمدة ثلاثين يوماً.
لكن فرقة الأهلي والزمالك ستعزف لمدة 90 دقيقة فقط خلال هذا الشهر الكريم!! فرقة تضم قمة الفنانين الكرويين.. اكثر من عشرين ممثلا كرويا يتقدمهم أصحاب المعالي الحضري وأبو تريكة وبركات ومتعب وشيكابالا وجمال حمزة وعمر زكي وحليم ويقود الأوركسترا من الخارج حازم إمام. ويجلس في آلكواليس مجموعة اخري علي نفس القدر. ونفس المستوي.. هذه الفرقة التي ستقدم عرضها الرمضاني والذي يحمل الرقم 9 من بين عروض القمة. وهو الرقم المئوي كان يستحق احتفالا خاصا من اتحاد الكرة. فقد تعودنا ان نحتفل الأيام المتوالية وتطلق عليها الاسماء والألقاب مثل العيد الفضي. والعيد الماسي ثم العيد المئوي او المئوية كما فعل الأهلي في احتفالاته الأخيرة.
كان يجب علي اتحاد الكرة ان ينظم احتفالا خاصا يحقق منه الملايين وتقسيمها مع الأهلي والزمالك. فمثل هذا اليوم لن يتكرر إلا بعد خمسين عاما لنحتفل بالمئوية الثانية. علي اعتبار ان الفريقين الأهلي والزمالك يلتقيان كل عام في الدوري في مباراتين خلال الدورين.. يعني باختصار عندما يتكرر هذا المشهد المئوي للمرة الثانية. سنكون جميعاً قد رحلنا عن الجبلاية. وعن أماكننا في الصحافة. وعن مجلسي ادارة الأهلي والزمالك. وستكون القنوات الفضائية علي الموبايل. واللاعبون سبقونا للآخرة والقليل منهم سيكون مقعداً.. إن وجد!!
تلك المباراة المئوية كانت فرصة للكرة المصرية لنحتفل بها علي اعتبار أنها أول مباراة مصرية عربية بين فريقين تحمل هذا الرقم المئوي. وواكبت احتفالات الأهلي بمئويته.. فيا تري هل سيفسدها الزمالك ويضيع بهجة احتفالات الأهلي بأعياده ليكون ختامها نكداً. أم سيقيم الأهلي الأفراح المئوية من جديد في رمضان؟!
.. المهم أن تلك المباراة الليلة سهرة رمضانية ستنجح في شد كل المصريين من تفاهات تامر وشوقية. وانفعالات الست هند علام البطلة المظلومة. والوزير الحرامي الدالي. وهيافات ظاظا وجرجير. والفشل الجنسي للكابتن حمادة عزو وستنقذنا المباراة من العائلة المجنونة التي تطاردنا كل ليلة والرجل الغني الفقير جداً وزهيمر حنان وحنين.
* إذا كانت مباراة القمة صراعاً ثنائيا وأزلياً بين الأهلي والزمالك.. فهي اليوم صراع ثنائي ما بين الحضري حامي حمي الأهلي ولاعب آخر فنان مثل شيكابالا وهي صراع بين الحضري ولاعب قناص - رأسه ناشفة - مثل عمرو زكي. وهي صراع ثنائي بين لاعب الكرات الثابتة والعقل المفكر أبو تريكة والحارس الزملكاوي "أوسه".. أو بين متعب الذي يريد أن يفك نحسه اليوم في احتفالية جماهيرية وسهرة رمضانية في شباك منصف.
والمباراة صراع ثنائي بين صاحب المركز الرابع الزمالك برصيد 9 نقاط والأهلي صاحب المركز الخامس برصيد 8 نقاط. والله عيب أن يكون الأكابر خارج نطاق القمة والوصيف حتي الآن!!
والصراع الثنائي سيكون واضحاً في الهجوم الصاروخي لجمال حمزة وشيكابالا وعمرو زكي وعلاء عبد الغني ضد دفاع الأهلي الذي بدء مهزوزاً في الفترة الاخيرة واستقبل في شباكه خمسة أهداف رغم وجود عصام الحضري أحسن حارس "أفريقي".. وهذا العدد يكشف القصور الدفاعي للأهلي ورغم توفر عنصر الخبرة.. لكن يبدو أن معدل السن أثر كثيراً علي الأداء الجماعي لدفاع الأهلي بالاضافة لغياب شادي وأحمد السيد لكنهما عائدان في لقاء اليوم!!
ولأن مثل هذه المباريات تكون صراعاً حقيقياً مستمراً طوال التسعين دقيقة.. فالصراع الأكبر سيكون بين الرقيب الذي يتابع ويراقب ويمنع.. وبين "المراقب".. الذي يريد أن ينفرد ويسجل ويضع البسمة للجماهير.. والعديد من المهاجمين ليس لهم حل سوي المراقبة اللصيقة الثنائية خاصة القادمون من الخلف أو مثل صانعي اللعب.. فلاعب مثل أبو تريكة أو فلافيو أو شيكابالا لابد من مراقبتهم رغم المقدرة الفائقة علي استغلال المهارة الفردية في المرور والتهديف ولاعب مثل عمرو زكي داخل الصندوق أو عماد متعب أمام المرمي.. لابد من مراقبتهما بلاعب ثابت متفرغ مع العلم أن الرقابة داخل الصندوق تحتاج لخبرة وحكنة وسهولة بدون خشونة تؤدي للضربات الجزائية.. ولاعب مثل جمال حمزة يلعب بطريقة السهل الممتنع.. تماما مثلما حدث في آخر مباراة عندما سجل أجمل الأهداف بمهارة فردية وسهولة كبيرة.. فرقابته يجب ان تكون بالتناوب خاصة وانه يتحرك كثيرا!!
* لا تنظروا لنتائج وموقف الفريقين في الدوري الآن.. لأن المنطق والأرقام تؤكدا أن ما حدث للفريقين من مفارقات خاصة في الترتيب الحالي هي خارج المتوقع والدوري مستمر وطويل ويحتاج للنفس الطويل الذي يتوفر للناديين اكثر من الفرق الاخري.
* التعادل مع المقاولون ليس كلمة السر لفوز الزمالك علي الأهلي اليوم.. لأن معظم أهداف الأكابر حتي الآن جاءت من النيران الصديقة وليست بأقدام النجوم!!
* قد يكون رضا الويشي مفاجأة جوزيه اليوم. وقد تكون عودة أحمد السيد وشادي رمانة الميزان في الدفاع مع النحاس وجمعة.. وقد تكون مشاركة اينو ضربة نفسية من جوزية لكرول.. وقد يكون غياب شوقي فرصة لحسن مصطفي. وقد تكون ثغرة الأهلي اليوم عن طريق الجانبين. لو فتح شيكابالا الشارع الأيسر وكان "مزاجة عال" وقد يستبشر جوزيه ببركات الشيخ اسامة حسني في رمضان ويعطيه فرصة أكبر وأطول ليفتح حصن أوسه الأبيض!
* علي النقيض تماما الزمالك. فالجراح التي كان يعاني منها الفريق.. التأمت وعاد جمال حمزة بعد جلسة صلح عاجلة لترميم الموقف.. وقد يكون غياب مصطفي جعفر مؤثراً في الهجوم مع كل من حازم وطارق السيد وتامر عبد الحميد وبشير وهم عنصر الخبرة وورقة نادرة علي ترجيح كفة أي فريق.
عودة وسام العابدي للدفاع بدلاً من بشير.. إما أن تكون بداية تابعة للاعب أو تقضي عليه نهائياً.
* قد يكون تقارب المستوي الفني ومعدل الاعمار في الزمالك عامل مرجح لكفة الفريق عنه في الأهلي. وقد تكون عودة علاء عبد الغني مؤثرة ايجابيا!!.
* وجود مجموعة صغيرة السن في وسط الأهل قد ترجح كفة السيطرة علي مجريات الأداء وسط الملعب.. اينو وحسن مصطفي وحسام عاشور ومعهم بركات وفلافيو ويتقدمهم أبو تريكة.. مجموعة القوة الضاربة.
حتي في الأهداف السلبية.. دخل مرمي الأهلي خمسة أهداف في أربع مباريات وهي مصيبة للأهلوية نادراً ما تحدث.. أما الزمالك فقد دخل مرماه هدفان فقط.. أي أن دفاع الزمالك الأفضل.. وهجوم الأهلي الأفضل من الزملاك.. فمن يفوز؟!
منقول من رياضه الجمهوريه