قصة ياسمين

موضوع: قصة ياسمين السبت نوفمبر 10, 2007 9:46 pm

كان ذلك في ايام الصيف 1996 في مدينة الدمام في المملكة العبية السعودية وبالتحديد في فندق الاوبوروي
حيث كنت على موعد مع صديق لشرب القهوة العربية بعد صلاة العصر وصلت الي الفندق وتحديد الي قاعة المقهي المكيف الجميل ذي الديكورات الخلابة وذلك قبل الموعد بساعة ... دخلت المقهي ولم اكن اعرف اين اجلس او انظر الا ان جمال المكان شدني للتجول في انحاءه لرؤية كل زاوية فيه
وبالفعل تنقلت بين روعة الفن والديكور والاعمال الخشبية والزجاجية الجميلة حتي وصلت الي زاوية في اخر المقهي حيث وضع اثاث جميل وهادئ الالوان واضاءة خفيفة ولا يري الانسان هناك الا صفحة الوجه
وتقدمت قليلا وبهدوء شديد الي الجالس على تلك الاريكة فقط لكي اهنئه على حسن اختيار الزاوية ولكنني رايت رجلا في الخمسينيات نحيف الوجه قد خط فيه لزمن خطوطه وعيناه غائرتان ومليئتان بدمعتين من الحجم الكبير جدا ... وكان يجاهد لكي يمنعها من التدحرج على خديه
تقدمت اليه فرايته غارقا ف فكر بعيد جدا
فقلت له : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فنظر الي نظرة استغراب لانه لا عرفني ولا اعرفه
وقال وعليكم السلام وسكت
فقلت له: هل يمكنني لجلوس على الاريكة المقابلة ام انها محجوزة
فقال كالمنزعج لانقطاع حبل افكاره : لا .. نعم تفضل تفضل
فعرفت من طريقة كلامه بانه من اهل الشام وبالتحديد من لبنان فجلست وانا ساكت ولكن كيفللثرثار بان يجلس دون تعذيب لسانه فقلت : عفوا لكن لماذا تعذب عينيك وتمنع دمعتك من التدحرج على خدك .. لو كنت مكانك لارحت عيني من تحمل حرارة الدمع الحزينة وارسلتها على خدي فما ان سمع كلامي حتي تدحرجت الدموع على خديه وسلكت التقاطيع الكثيرة في وجهه ولكنه لم يمسحها بمنديل
قلت: لابد انك تذكرت اناس اعزاء عليك
قال وما يدريك قلت اري معزتهم في عينيك ومحياك
قال : نعم اعزاء جدا جدا قلت ومتي ستلتقيهم
قال والله اتمني في كل لحظة السفر اليهم لكن المسافة بعيدة جدا جدا
قلت واين سكانهم قال : اخر لقائي بها كان في امريكا قبل ثلاث سنوات ولكننا افترقنا فلم نلتقي لا في المنام او الاحلام
قلت : ايها العاشق اخبرني قصة عشقك ان لم يكن في ذلك تدخل في حياتك
قال بابتسامة صغيرة : لا ابدا ليس هناك بيني وبين ياسمين ايه اسرار بل وستكون سعيدة حسب ظني بها لو انني قصصت عليك قصة حبنا لكبير .. ولكن دعني اصحح لك معلومة صغيرة وهي ان ياسمين هي ابنتي التي كانت تبلغ من العمر عشر سنوات ... ففوجئت بالمعلومة
ثم استطرد قائلا : هل تحب ان تسمع حبنا الكبير ...... قلت متحمسا : نعم وبكل شوق
قال : عشت في الدمام عشر سنين ورزقت فيها بابنة واحدة اسميتها ياسمين وكان لدي ولد من قبلها ابن واحد واسميته احمد وكان يكبرها بثمان سنين وكنت اعمل هنا في مهنة هندسية فانا مهندس وحائز علىدرجة الدكتوراه كانت ياسمين ايه من الجمال لها وجه نوراني وملائي زاهر ومع بلوغ التسع سنوات رايتها من تلقاء نفسها تلبس الحجاب وتصلي وتواظب على قراءة القران بصورة ملفته للنظر فكانت ما ان تنتهي من اداء واجبتها المدرسية حتي تقوم على الفور وتفترش سجادة صلاتها الصغيرة وتاخذ بقرانها وهي ترتله ترتيلا طفوليا ساحرا كنت اقول لها قومي العبي مع صديقاتك
فكانت تقول : صديقي هو قراني وصديقي هو ربي ونعم الصديق ثم تواصل قراءة القران وذات يوم اشتكت من الم بطنها عند النوم فاخذتها الي المستوصف القريب فاعطاها بعض المسكنات فتهدا الامها ليومين ثم تعاودها وهكذا تكررت الحالة ولم اعط الامر حينها اي جدية
وشاءت الاقدار ان تفتح الشركة التي اعمل بها فرعا في الولايات المتحدة وعرضوا عليا منصب المدير العام هناك فوافقت ولم ينقضي شهر واحد حتي كنا في احضان امريكا مع زوجتي واحمد وياسمين ولا استطيع وصف سعادتنا بتلك الفرصة الذهبية والسفر للعيش في امريكا هذا البلد العملاق الذي يحلم بالسفر اليه كل انسان
بعد مضي قرابة الشهرين على وصولنا امريكا عاودت الالام ياسمين فاخذتها الي دكتور باطني متخصص فقام بفحصها وقال : ستظهر النتائج بعد اسبوع ولا داعي للقلق ادخل كلام الطبيب الي قلبي الاطمئنان وسرعان ما حجزت لنا مقاعد على اقرب رحلة الي مدينة الالعاب اور لاند وقضينا وقتا ممتعا مع ياسمين بين الالعاب والتنزه هنا وهناك وبينما نحن في متعة الفرح رن صوت هاتفي النقال فوقع قلبي لا احد في امريكا يعرف رقمي عجبا اكيد الرقم خطا فترددت في الاجابة واخيرا ضغطت على زر الاجابة
الو من المتحدث .. اهلا ياحضرة المهندس معذرة على الزعاج فانا الدكتور ستيفن طبيب ياسمين هل يمكنني لقائك في عيادتي غدا
وهل هناك مايقلق في النتائج .. في الواقع نعم .. لذا اود رؤية ياسمين وطرح عدة اسئلةقبل التشخيص النهائي
حسنا سنكون عصر غد عند الخامسة في عيادتك الي اللقاء
اختلطت المخاوف والافكار في راسي ولم ادري كيف اتصرف فقد بقي في برنامج الرحلة يومين وياسمين في قمة السعادة لانها المرة الاولي التي تخرج فيها للتنزه منذ وصولن الي امريكا
واخير اخبرتهم بان الشركة تريد حضوري غدا الي العمل الطارئ وهي فرصة جيدة لمتابعة تحاليل ياسمين فوافقوا جميعا على العودة بشرط ان نرجع الي اور لاند في العطلة الصيفية وفي العيادة استهل الدكتور ستيفن حديثه لياسمين بقوله : مرحبا ياسمين كيف حالك قالت جيدة والحمد لله
ولكني اجلس بالام وضعف لا ادري مم وبدا الدكتور يطرح الاسئلة الكثيرة واخيرا طاطا راسه قالا لي :تفضل في الغرفة الاخري وفي الحجرة انزل الدكتور على راسي صاعقة تمنيت عندها لو الارض انشقت وبلعتني
قال الدكتور : منذ متي وياسمين تعاني من المرض قلت : منذ سنة تقريبا وكنا نستعمل المهدئات وتتعافي
فقال الطبيب : ولكن مرضها لا يتعافي بالمهدئات انها مصابة بالسرطان الدم في مراحله الاخيرة جدا ولم يبق لها من العمر الا سته اشر وقبل مجيئكم تم عرض التحاليل على اعضاء لجنة مرضي السرطان في المنطقة وقد اقروا جميعا بذلك من واقع التحاليل فلم اتمالك نفسي وانخرطت في البكاء
وقلت مسكينة والله مسكينة ياسمين هذه الوردة الجميلة كيف ستموت وترحل عن الدنيا وسمعت زوجتي صوت بكائي فدخلت ولما علمت اغمي عليها
وهنا دخلت ياسمين وابني احمد وعندما علم احمد بالخبر احتضن ياسمين وقال : مستحيل ان تموت ياسمين .. فقالت ياسمين : ببرائتها المعهودة اموت يعني ماذا اموت
فتلعثم الجميع من هذا السؤال فقال الطبيب : يعني سترحلين الي الله فقالت ياسمين : حقا سارحل الي الله .... وهل هو سيئ الرحيل الي الله الم تعلماني ياوالدي بان الله افضل من الزالدين والناس وكل الدنيا وهل رحيلي الي الله يجعلك تبكي يابي وامي يغما عليها
فوقع كلامها البرئ الشفاف مثل صاعقة اخري فياسمين تري الموت رحلة شيقة فيها لقاء مع الحبيب عليك الان ان تبدا العلاج فقالت : اذا كان لابد لي من الموت فلماذا العلاج والدواء والمصارف
نعم يياسمين نحن الاصحاء ايضا سنموت فهل يعني ذلك ان نمتنع عن الاكل والاعلاج والسفر والنوم وبناء مستقبل فلو فعلنا ذلك لتهدمت الحياة ولم يبق منها على وجه الارض كاائن حي
الطبيب : تعلمين يا ياسمين بان في جسد كل انسان اجهزة والات كثيرة هي كلها امانات من الله اعطانا اياها لنعتني بها فانت مثلا اذا اعطتك صديقتك لعبة هل ستقومين بتكسيرها ام ستعتنيين بها
ياسمين بل ساعتني بها .......الطبيب وكذلك هو الحال لجهازك الهضمي والعصبي والقلب والمعدة كلها اجهزة ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف والادوية والمواد الكيماوية التي سنقوم باعطائك اياها هيا لهدفين لتخفف الام المرضي والمحافظة قدر الامكان على اجهزتك الداخلية من التلف حتي عندما تلتقين بربك وخالقك تقولين له لقد حافظت على الامانات التي جعلتني مسؤولة عنها ها انا ذا اعيدها لك الا ماتلف من غير قصد مني
ياسمين : اذا كان الامر كذلك فانا مستعدة لاخذ العلاج حتي لا اقف امم الله كوقوفي اما صديقتي اذا كسرت لعبها وحاجاتها
مضت السته اشهر ثقيلة وحزينة بالنسبة لاسرة ستفقد ابنتها المدللة وامحبوبة وعكس ذلك بالنسبة لابنتي ياسمين فكان كل يوم يمر يزيدها اشراقا وجمالا وقربا من الله تعالي قامت بحفظ سور من القران وسالناها لماذا تحفظين القران ؟
قالت لقد علمت بان الله يحب القران فاردت ان اقول له يارب حفظت بعض السور القران لانك تحب من يحفظه وكانت كثيرة الصلاة وقوفا واحيانا تصلي على سريرها فسالتها عن ذلك فقالت : سمعت ان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول قرة عيني الصلاة فاحببت ان تكون لي الصلاة قرة عين
وحان وم رحيلها واشرق بالانوار وجهها وامتلئت شفتاها بابتسامة واسعة واخذت تقرا سورة يس التي حفظتها وكانت تجد مشقة في قراءتها الي ان ختمت السورة ثم قرات سورة الفاتحة وسورة الاخلاص ثم ايه الكرسي ثم قالت : الحمد لله العظيم الذي علمني القران وحفظنيه وقوي جسمي للصلاة وساعدني وانار حياتي بوالدين مؤمنين مسلمين صابرين حمدا كثيرا ابدا واشكره بانه لم يجعلني كافرة او عاصية او تاركة للصلاة
ثم قالت : تنح ياوالدي قليلا فان سقف الحجرة قد انشق واري اناسا مبتسمين لابسين البياض وهم قادمون نحوي ويدعونني لمشاركتهم في التحليق معهم الي الله تعالي
وما لبثت ان اغمضت عيناها وه مبتسمة ورحلت الي الله رب العالمين .... ثم اجهش بالبكاء وبكي بكاءا مريرا جعل كل من في القاعة في الفندق بلتفتون الي الزاوية التي نحن فيها فقلت له : هون عليك فهي في رحمة الله وكنفه ورعايته فليرحمها الله ويلهم قلوبكم الصبر على فراقها

رائعة يا هند

لثانى مرة تجعلينى أبكى يا هند

حقيقى تمنيت أن أكون مكان ياسمين

اللهم أحسن خاتمتنا

اللهم إجعل خير أيامنا يوم لقاءك

اللهم أحسن وقوفنا بين يديك

مشكورة أختى على القصة الرائعة

مشكور يااخ ادمين على مرورك الرائع
انا بكيت قوي واتمنيت ان ربنا يديني نص اللي الهداية اللي عند ياسمين ربنا يرحمها ويرحمنا جميعا يارب

مشكورة يا هند

شكرا يااخ محمد على مرورك